[center]رأيتَ أماً في السجون أسيرةٌ
وعلى يديها طفلها القمر الجميل
هو ابن عامٍ عاش في أغلاله
مثل الحمامة حين تُحرمَ
من فضاها والهديل
ورأيت السجانُ منتشياً بأسر حمامةٍ
وأسيرةٌ حولها حراسُ تسخر في العروبة كلها
وهي الأسيرة بنت يَعُرب بينهم
كالقدس شامخةٌ برغم قيودها
وعلى الصغير بحُرقةٍ كانت تميل
وهنيهة والأم أرخت شالها
فوق الصغير كأنها
أهدت إليه حنينها
حتى بدا وكأنه
قمرً ينام على يديها خاشعاً
والعين توشك في النعاس مطمئن
وفي الذبول
لما سألت عن اسمه
ردت فتاةُ في الجوارِ أسيرةٌ
كانت ترافق أمه
هو لغز شعبٍ عاش كل حياته
بين الحواجز والقيود مكبلاً
إن كنت تحزره ستعرف اسمه
فتى وسيم كان قُد قميصه
والله أخبرنا بقصة لغزه
في مُحكم الآيات والتنزيل
قُلت اسمعي: إني أراه كيوسفً بجماله
هلا عُرفت بإسمه قالت: بلى
أسمته يوسفَ أمه
لتصير قصة يوسفٍ مثلاً على جبروتهم
ويصير يوسفنا الصغير حكايةً
تُروى لأجيالٍ ستأتي بعدنا جيلاً فجيلٍ
من ثم قالت: يا أخي
والوجه مبتسماً خجول
هو يوسف بغياهب الجب الذي
مر الجميع بِجُبه لكنهم
لم يُنزلوا دلوَّ النجاةِ ليُخرجوه وأمه
من ظلمة الجُب الطويل
في وجهه ميلاد عاصفةٍ ستفضح بغيهم
وتُحطم القيد الثقيل
في وجهه والله لو أمعنته
لرأيت في قسماته
وجه النبيِّ اليوسفي كأنما
بدراً رأيت وما رأيت له مثيل
هو يوسفً لو أمعنت
عيناك مِن قُربٍ لصورة يوسفٍ
لرق قلبك خاشعاً لكأن عينك أبصرت
نوراً يشع بوجه وحيٍ أو رسول
فدنوت نحو الباب أمعنٌ وجهه
فبكى وزاد بأمه
فسمعت موسيقى بكاه كأنها
آيّ الكتابِ مرتلاً ترتيلاً
فأعدت أدراجي وراءاً داعياً
يا ربٍ أطلق للصغير جناحه
فلقد خلقت الطفل عبدك
لا أن يجيء مقيداً بسلاسلٍ
كلا ولا عبداً لإسرائيل
واصرف صروف الدهر عنه فإنه
ما جاء للدنيا ليحيا هكذا
بالقيد طفلاً بائساً كلا ولا للبطش والتنكيل
فخلقتنا وأمرت أن يحيا الجميع مكرماً
في مجملٍ القرآن والتوراة والإنجيل
وهنيهة لما أهمت بالرحيل وطفلها
قالت سلام يا أخي أزف الرحيل
قلت السلام أُخَّيتي
والحزن سال من العيون ولم يزل
من يوم أن شاهدتها
ورأيت يوسفها الأسير على يّديها باكياً
والدمع من عيني يسيل
بقلم الأسير المجاهد ناصر الشاويش