[أكد المفكر والداعية الإسلامي د. محمد أبو ليلة ، رئيس قسم الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية بجامعة الأزهر ، وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية:أن السنة هي كمال الشخصية النبوية وتجلياتها في عالم الواقع ، هي الوحي و امتداداته في الحياة،و أن سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم -هي نبراس يهدي المسلم للعمل في الدنيا استعدادا للآخرة، كما أن السيرة هي التي أظهرت الأمة الإسلامية على الأرض ،و وضعت لها المنهج الذي تحافظ من خلاله على وجودها وتنمو رأسيا و أفقيا طبقا لتعاليمه .و رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكمل البشر،ورسالته أكمل رسالة ،و تأثيره في البشرية أكمل تأثير،وتلك حقيقة لا تقل عن حقائق الكون المشاهد، وسيرته –صلى الله عليه وسلم- وتمثلها تتضمن الحياة القوية والقويمة في الحاضر وفى المستقبل بنفس القوة التي أوجدتها بها في الماضي ويمكن أن نجمل أسباب إذا تحققت نكون قد تمثلنا سيرته –صلى الله عليه وسلم-، وادينا ما علينا من واجب ، وحصلنا في الوقت نفسه على ما لنا من حق الحياة الفاضلة الكريمة .من أهمها أن نحى المسلمون دائما في حالة من الوعي الداخلي واليقظة الشديدة والاستقامة ، بمعنى أن ينبغي أن نتعلم من سيرته وسنته –صلى الله عليه وسلم-مراقبة أنفسنا و مراجعة أعمالنا بطريقة عقلية واعية ، وطريقة روحانية مستوعبه مدركة للوجود الإنساني ولحركة التاريخ يقول تعالى:" بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره "، و" واعبد ربك حتى يأتيك اليقين"، وكما يقول الفاروق عمر بن الخطاب-رضي الله عنه –" حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا ، فإن أهون عليكم في الحساب غدًا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم ، وتزينوا للعرض الأكبر".
[و يضيف د.أبو ليلة ويقول: لقد علمنارسول الله – صلى الله عليه وسلم- عمليا من خلال سيرته أن العبادة تشمل حياتنا كلها وأن الغرض منها هو بالأساس جمع ذاتنا الروحية،و ذاتنا المادية في"كل واحد" مصداقا لقوله عز وجل:" قل إن صلاتي و نسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين".أي أن السيرة تدربنا على استعمال قوتنا الطبيعة و الروحية بحيث يتم بناء شخصية المسلم على الوعي بما عليه القيام به، وعلى السعي للحصول على الحق في إطار من سنن رسول اله –صلى الله عليه وسلم-وتعلما من سيرته الشريفة
[ويوضح د.أبو ليلة : أن هذا لا يعنى العمل بالسنة أو متابعة السيرة آليا بظاهر أعماله -صلى الله عليه وسلم-وأقواله وإنما يكون الأمر بالتزام الكلي بروح هذه السيرة العطرة المباركة بأن نعمل على صبغ المجتمع كله بصبغة السنة ، بحيث تترجم السيرة عمليا في حياتنا تظهر آثارها في المجتمع كله وتسير عملا اجتماعيا ومجتمعيا شاملا يستغرق حياة الأفراد ويشمل كل مناحي حياة الإنسان ،وسائر علاقاته بالمسلم و غير المسلم ، فينبغي أن يكون الأمر كمابينته لناسيرته –صلى الله عليه وسلم- وهوأن المسلمين كالبنيان المرصوص وذلك من الناحية الماديةالمجتمعية ، وكالجسد الواحد من الناحية الروحية المعنوية ، وكالمرآةمن الناحيةالنقدية الجدلية التي غني للفرد وللمجتمع عنها.
[ ويؤكد د.أبو ليلة:أننا لو أخذننا بالسيرة النبوية في هذه المستويات كلها لما ضيعنا جهودنا في أمور فرعية وشكلية ،وفى مجادلات عقيمة حول سنته وسيرتها صلى الله عليه وسلم ، بل وما كان للأعداء فرصة للانقضاض عليا والهجوم على رسولنا –صلى الله عليه وسلم- وعلى ثوابت ديننا . ويقول: لو أننا عملنا بسنة الرسول الكريم –صلى الله عليه وسلم- وسيرته لسار كل شيء في حياتنا اليومية مبنيا على الإقتداء بما فعله معلم الإنسانية وهادى البشرية –صلى الله عليه وسلم-،وهكذا وينبغي أن يكون المسلمون في العمل أو في الترك ،فهم يجب أن يكونوا ملتزمين بالعمل طبقا لمنهج السنة ومثل السيرة . وعليه فيجب أن تقدم سيرة النبي-صلى الله عليه وسلم-إلى المسلمين على كل المستويات والفئات العمرية بحيث تصير متغلغلة في حياتنا اليوم ويكون نفوذه الروحي -صلى الله عليه وسلم -قد أصبح الدافع الحقيقي الذي يحرك حياتنا كلها و يملأ وجودنا ووعينا بالحياة و بفقه الحياة ، وعلينا أن نتبع رسولنا –صلى الله عليه وسلم لا باعتباره مبلغ عن المولى عز وجل فحسب بل لأنه الهادي إلى الحياة الكاملة أيضا ، فالرسول –صلى الله عليه وسلم- ليس رسولنا لأمور الدنيا إنما هو قد جاء –صلى الله عليه وسلم- ليرشدنا عن عملنا بالدنيا كدرجة أولى و ليخبرنا أن هذا العمل يأتي كمقدمة إلى الآخرة ومزرعة لها.والمولى يقول:"ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا ".ورسول الله -صلى الله عليه وسلم-رحمة للعالمين والرحمة كما علمنا الله تعالى متغلبة وسامية على العنف والظلم والاضطهاد ، فإذا ما جعلنا نحن المسلمين سيرة نبي الرحمة –صلى الله عليه وسلم- محور حياتنا " فوقنا" من غفلتنا وتفوقنا في حياتنا