من بين أكتر الأفلام المصرية التي أعجبتني وتبهرني وتستفز تفكيري وتدعوني للتأمل فيه يأتي فيلم الجزيرة للمخرج شريف عرفة وبطولة أحمد السقا وهند صبري ومحمود ياسين ومحمود عبد المغني وخالد الصاوي.
الفيلم شفته سينما وكل شوية بأشوفه على اليوتيوب
لم أمل من مشاهدته أكتر من مرة
أنا لست سينمائي ولا ناقد فني
ولكن حسيت إني عايز أكتب عن الفيلم ده
الفيلم ده عن قصة حقيقية مشهورة باسم قضية عزت حنفي
ولقد تمت مواراتها في الفيلم باسم مقارب لشخصية عزت حنفي والتي قاد بها محمود ياسين تحت اسم على حفني
والمحافظة التي تمت بها الواقعة محافظة قنا وتحديدا الأقصر بناءً على ما تابعته من مقالات حول هذا الفيلم
الفيلم حبكة سينيمائية انسانية مؤثرة وواقعية وجذابة
فبالاضافة إلى التميز الفني أداءً وإخراجاً وصوت وصورة وكل عناصر العمل الفني
تبرز الحكم المستخرجة من رحم القصة الواقعية
فبالرغم من أن القصة واقعية فبها العديد من النقاط التي تستحق الوقوف عندها
واقعية هذا الفيلم وان كانت مفاجئة فهي مغرقة في التفاصيل
إن الفساد هو الفساد سواء كان فساد حكومة او فساد أهالي
ولكن تبقى القوة في النهاية هي سيدة الموقف
فالقوة مقصد وأساس
يبرز الصراع الفكري في أشده بين عنصرين هما شخصية منصور الحفني وشخصية الضابط محمود عبد المغني
اللذان مثلاً طرفي المعادلة التي تم كسرها بفارق القوة في النهاية
فمنصور الحفني مثل اقتناعه الفكري ورضاه التام عن تجارته ونفوذه الغير مشروعين
والضابط مثل القناعة الفكرية بأهمية دور الشرطة الذي يفرض النظام والسيطرة التامة لسيادة الدولة حتى وإن شابه بعض الأخطاء التنفيذية.
برر منصور الحفني موقفه وموقف الضابط بالتوريث الإجباري فلقد ورث الأول تجارة المخدرات والثاني ورث دور الشرطة
ووجهة نظره أنه لا اختيار.
وحين يتغلغل الفساد في جسد الحكم فإن النصيحة والإقناع لاقيمة لهما لإطلاقاً
حيث تسيطر الرغبة في الاستمرار على النحو الذي يتميز بالقوة وبسط السيطرة
والسماح للمستفيدين من الطرفين بنيل ثمار الفساد اللذان تشاركا في غرسها سوياً.
فحين تحالف الضابط القديم عبدالرحمن أبوزهرة والد الضابط الشاب محمود عبد المغني مع على الحفني والد منصور اتفقا على تسهيل مهمة بعض في إطار تنبثق منه المصلحة لكلاهما فالأول كان يهمه تجهيز الشغل وإظهار نجاحه في العمل وقدرته الفتاكة على ضبط المجرمين والسلاح والمخدرات في الصعيد، والثاني كان يريد لتجارته أن تكبر تحت غطاء شبه آمن من الضباط الفاسدين لينعم بالمكسب المادي وقوة النفوذ لقاء ما يقدمه من تمويل لضبطيات الضباط.
واستمر الوضع على ما هو عليه إلى أن تضاربت المصالح
فدب الصراع المسلح بينهما
والسؤال لو لم يستفز النجايحة منصو الحفني ليوقف قطار الصعيد، هل كان الوزير سيتدخل ويضخ بدم جديد مخلص في الداخلية ليكتشف الأمر والفساد بنفسه؟
هل قصد الفيلم أن يقول أن الجيل القديم الفاسد لاأمل في إصلاحه؟
هل ضمير الشباب الجدد في الداخلية هو الأمل في داخلية نزيهة؟
أيضاً
لم يكن هناك أي دور للدين في هذا الفيلم فلم نرى ركعة واحدة أو آذان مؤثر
بل قد تليت آيات القرآن في عزاء على الحفني ولم تؤثر في القلوب الفاسدة
ولقد زار منصور مقبرة زوجته بصحبة ولده ولم يتأثر.
لقد تحول دور الدين في قلوب هؤلاء إلى تقاليد متبعة بلا أي تأمل فيها.
ولقد تحولت المجتمعات القبلية أو العائلية إلى نقمة في هذا الفيلم، فهذه المجتمعات تخضع لكبرائها وتوقرهم وتأتمر بأوامرهم
ولكن حين فسدت التوجهات دب الخلاف وأعماهم الطمع والجشع
ولم يشفع الحب مثلاً في تصفية الأجواء فلقد قتل منصور محمود ناجح أمام نظر محبوبته التي هي أيضاً أخت محمود
ومن بين أفزع الأشياء أن تلهث الناس وراء لقمة عيشها بدون النظر إلى مصدره
فلقد عبر عدد من أهل الجزية عن رضاهم عن منصور كبير الجزيرة بسبب ما يتلقونه من كريم المعاملة المادية والمعنوية
فلقد قال أحدهم ياريت الناس كلها تبقى تجار مخدرات لو حيبقوا زي منصور الحفني.
والأخطر هو تربية النشأ على شرعية الاتجار بالحرام مثلما تربى منصور
فلقد كان يقينه صارماً بشرعية مايفعل
وكان يقينه أصرم حين قرر الأخذ بالثأر وقدم الكثير إزاء نيله بيده.
يبقى غياب أي دور للحكومة في الجزيرة سوى الدور الأمني الفاسد
فلم يكن هناك أي وجود حكومي في الفيلم سوى للمخبرين وموظفي وضباط مديرية الأمن.
لم نرى مدرسة حكومية أو مستشفى
حيث لم تستطع نصيحة مدرس مخلص أو علاج طبيب أمين أن يزرع الأمان التوجيهي والثقة الصالحة في نفوس من يتعاملون معهما
مما يدل على أن الحكومة أهملت إهمال جسيم في التعامل مع قرى الصعيد وتركتها تتحوط على نفسهل إلى الدرجة التي جعلت تلك القرية تسمى بالجزيرة على الرغم من عدم إحاطتها بالمياه من جميع الجهات حسب المعني الجغرافي للكلمة بل تحوطت بفكر أهاليها المنعزلين عن الفكر وغلب عليهم حب تلقي الدعم من تجار المخدرات كبراء الجزيرة.
وهؤلاء المطاريد الذين أصبحوا سبة في واجهة مديريات الأمن حيث أصبحوا ميليشيات قادرة على طعن المجتمع في مقابل المال وحده.
ولقد قدم الفيلم روشتة نفسية وعالج وضعهم بأن أوضح أنهم بحاجة للاستقرار النفسي والمكاني وتنتهي مشاكلهم.
لابد من التسامح في هذه الأمور ولكن تحت السيطرة الأمنية.
كان خالد الصاوي مقنعاً وفاسداً بجدارة
وهو يمثل قمة الطرف الأول في هذا الصراع ضد قريبه محمود عبد المغني
لقد أذهلني قدرته على التحرك والاتفاق مع منصور الحفني على تفاصيل البيزنس الخاص بهم
وقدرته على القبض على من يشاء وقت ما يشاء في أي مكان شاء في غياب تام للرقابة الشرطية.
هلى كان العميد رشدي هو المديرية بحالها؟
Friday, May 22, 2009
فيلم الجزيرة
من بين أكتر الأفلام المصرية التي أعجبتني وتبهرني وتستفز تفكيري وتدعوني للتأمل فيه يأتي فيلم الجزيرة للمخرج شريف عرفة وبطولة أحمد السقا وهند صبري ومحمود ياسين ومحمود عبد المغني وخالد الصاوي.
الفيلم شفته سينما وكل شوية بأشوفه على اليوتيوب
لم أمل من مشاهدته أكتر من مرة
أنا لست سينمائي ولا ناقد فني
ولكن حسيت إني عايز أكتب عن الفيلم ده
الفيلم ده عن قصة حقيقية مشهورة باسم قضية عزت حنفي
ولقد تمت مواراتها في الفيلم باسم مقارب لشخصية عزت حنفي والتي قاد بها محمود ياسين تحت اسم على حفني
والمحافظة التي تمت بها الواقعة محافظة قنا وتحديدا الأقصر بناءً على ما تابعته من مقالات حول هذا الفيلم
الفيلم حبكة سينيمائية انسانية مؤثرة وواقعية وجذابة
فبالاضافة إلى التميز الفني أداءً وإخراجاً وصوت وصورة وكل عناصر العمل الفني
تبرز الحكم المستخرجة من رحم القصة الواقعية
فبالرغم من أن القصة واقعية فبها العديد من النقاط التي تستحق الوقوف عندها
واقعية هذا الفيلم وان كانت مفاجئة فهي مغرقة في التفاصيل
إن الفساد هو الفساد سواء كان فساد حكومة او فساد أهالي
ولكن تبقى القوة في النهاية هي سيدة الموقف
فالقوة مقصد وأساس
يبرز الصراع الفكري في أشده بين عنصرين هما شخصية منصور الحفني وشخصية الضابط محمود عبد المغني
اللذان مثلاً طرفي المعادلة التي تم كسرها بفارق القوة في النهاية
فمنصور الحفني مثل اقتناعه الفكري ورضاه التام عن تجارته ونفوذه الغير مشروعين
والضابط مثل القناعة الفكرية بأهمية دور الشرطة الذي يفرض النظام والسيطرة التامة لسيادة الدولة حتى وإن شابه بعض الأخطاء التنفيذية.
برر منصور الحفني موقفه وموقف الضابط بالتوريث الإجباري فلقد ورث الأول تجارة المخدرات والثاني ورث دور الشرطة
ووجهة نظره أنه لا اختيار.
وحين يتغلغل الفساد في جسد الحكم فإن النصيحة والإقناع لاقيمة لهما لإطلاقاً
حيث تسيطر الرغبة في الاستمرار على النحو الذي يتميز بالقوة وبسط السيطرة
والسماح للمستفيدين من الطرفين بنيل ثمار الفساد اللذان تشاركا في غرسها سوياً.
فحين تحالف الضابط القديم عبدالرحمن أبوزهرة والد الضابط الشاب محمود عبد المغني مع على الحفني والد منصور اتفقا على تسهيل مهمة بعض في إطار تنبثق منه المصلحة لكلاهما فالأول كان يهمه تجهيز الشغل وإظهار نجاحه في العمل وقدرته الفتاكة على ضبط المجرمين والسلاح والمخدرات في الصعيد، والثاني كان يريد لتجارته أن تكبر تحت غطاء شبه آمن من الضباط الفاسدين لينعم بالمكسب المادي وقوة النفوذ لقاء ما يقدمه من تمويل لضبطيات الضباط.
واستمر الوضع على ما هو عليه إلى أن تضاربت المصالح
فدب الصراع المسلح بينهما
والسؤال لو لم يستفز النجايحة منصو الحفني ليوقف قطار الصعيد، هل كان الوزير سيتدخل ويضخ بدم جديد مخلص في الداخلية ليكتشف الأمر والفساد بنفسه؟
هل قصد الفيلم أن يقول أن الجيل القديم الفاسد لاأمل في إصلاحه؟
هل ضمير الشباب الجدد في الداخلية هو الأمل في داخلية نزيهة؟
أيضاً
لم يكن هناك أي دور للدين في هذا الفيلم فلم نرى ركعة واحدة أو آذان مؤثر
بل قد تليت آيات القرآن في عزاء على الحفني ولم تؤثر في القلوب الفاسدة
ولقد زار منصور مقبرة زوجته بصحبة ولده ولم يتأثر.
لقد تحول دور الدين في قلوب هؤلاء إلى تقاليد متبعة بلا أي تأمل فيها.
ولقد تحولت المجتمعات القبلية أو العائلية إلى نقمة في هذا الفيلم، فهذه المجتمعات تخضع لكبرائها وتوقرهم وتأتمر بأوامرهم
ولكن حين فسدت التوجهات دب الخلاف وأعماهم الطمع والجشع
ولم يشفع الحب مثلاً في تصفية الأجواء فلقد قتل منصور محمود ناجح أمام نظر محبوبته التي هي أيضاً أخت محمود
ومن بين أفزع الأشياء أن تلهث الناس وراء لقمة عيشها بدون النظر إلى مصدره
فلقد عبر عدد من أهل الجزية عن رضاهم عن منصور كبير الجزيرة بسبب ما يتلقونه من كريم المعاملة المادية والمعنوية
فلقد قال أحدهم ياريت الناس كلها تبقى تجار مخدرات لو حيبقوا زي منصور الحفني.
والأخطر هو تربية النشأ على شرعية الاتجار بالحرام مثلما تربى منصور
فلقد كان يقينه صارماً بشرعية مايفعل
وكان يقينه أصرم حين قرر الأخذ بالثأر وقدم الكثير إزاء نيله بيده.
يبقى غياب أي دور للحكومة في الجزيرة سوى الدور الأمني الفاسد
فلم يكن هناك أي وجود حكومي في الفيلم سوى للمخبرين وموظفي وضباط مديرية الأمن.
لم نرى مدرسة حكومية أو مستشفى
حيث لم تستطع نصيحة مدرس مخلص أو علاج طبيب أمين أن يزرع الأمان التوجيهي والثقة الصالحة في نفوس من يتعاملون معهما
مما يدل على أن الحكومة أهملت إهمال جسيم في التعامل مع قرى الصعيد وتركتها تتحوط على نفسهل إلى الدرجة التي جعلت تلك القرية تسمى بالجزيرة على الرغم من عدم إحاطتها بالمياه من جميع الجهات حسب المعني الجغرافي للكلمة بل تحوطت بفكر أهاليها المنعزلين عن الفكر وغلب عليهم حب تلقي الدعم من تجار المخدرات كبراء الجزيرة.
وهؤلاء المطاريد الذين أصبحوا سبة في واجهة مديريات الأمن حيث أصبحوا ميليشيات قادرة على طعن المجتمع في مقابل المال وحده.
ولقد قدم الفيلم روشتة نفسية وعالج وضعهم بأن أوضح أنهم بحاجة للاستقرار النفسي والمكاني وتنتهي مشاكلهم.
لابد من التسامح في هذه الأمور ولكن تحت السيطرة الأمنية.
كان خالد الصاوي مقنعاً وفاسداً بجدارة
وهو يمثل قمة الطرف الأول في هذا الصراع ضد قريبه محمود عبد المغني
لقد أذهلني قدرته على التحرك والاتفاق مع منصور الحفني على تفاصيل البيزنس الخاص بهم
وقدرته على القبض على من يشاء وقت ما يشاء في أي مكان شاء في غياب تام للرقابة الشرطية.
هلى كان العميد رشدي هو المديرية بحالها؟
من ضمن الأسباب التي أضخمت من حجم على الحفني هو تخطيطه المحكم، فحين يمتزج قناعة الفكر الموحد مع التخطيط الواسع النظر تكون النتائج الناجحة مضاعفة، فنرى في أول الفيلم إصرار على الحفني على عدم خسارة زبائنه وقبوله ببيع الأفيون لهم بسعر أرخص من تكاليف زراعته في مقابل أن يصبح الاعتماد عليه كمورد للأفيون أسهل وأرخص إلى أن يتم له التمكن والسيطرة على سوق توريد الأفيون بعد أن يفقد المشترون قدراتهم الزراعية وتبور
أراضيهم بعد اعتمادهم الكامل على المورد الأرخص.
ولقد ضاعف من مكانته ومكاسب عائلة حفني شباب القيادة وتنورها، وبدا ذلك جلياً في إصرار على الحفني في تولية الأمور من بعده لولده المتعلم منصور وليس أخيه الجاهل حسن. فلقد ضاعف منصور حجم تجارته وببساطه وظهر الدور الجلي لمرونة التحركات وسلاسة الخطوات مامكنه من استعادة مكانة عائلته ومنصبه في الجزيرة ومراوغة الحكومة والفرار من كمائن الضابط محمود عبد المغني.
الفيلم ملئ بالأفكار وخلاصة القول
أن الفكر يستطيع أن يصنع أقوى المواقف صلابة وليست القوة وحدها تكفينقلا عن صوت الحياة