الحياة بعد يوم القيامة
--------------------------------------------------------------------------------
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحياة بعد يوم القيامة وبعد ما يستقر الناس في منازلهم الأبدية تنقسم إلى حياتين:
حياة نعيم مقيم لا ينقطع أبداً، ولا يحيط عقل بوصفه كماً ولا كيفاً ولا عدداً، وإنما هو كما أخبر الله تعالى عنه في كتابه العزيز: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [السجدة:17].
ويقول في الحديث القدسي: "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر".
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل هذه الحياة في الفردوس الأعلى، واعلم أن أهل هذه الحياة منهم من يدخل الجنة مباشرة من غير أن تمسه النار، أو يراها، أو يمر بها إلا تحلة القسم.
ومنهم من يدخلها بعد ما يقضي فترة في النار - نسأل الله السلامة والعافية - وهؤلاء هم عصاة الموحدين الذين يدخلون النار أولاً بسبب ما اقترفوه في الدنيا من ذنوب ومعاصٍ، ثم يخرجهم الله تعالى منها، ويدخلهم الجنة: إما بمحض فضله وواسع مغفرته بدون أي سبب، وإما بسبب شفاعة الشافعين عنده سبحانه وتعالى.
وعلى كل حالٍ، فمن دخل الجنة سواء كان من أولئك أو من هؤلاء، فإنه قد بدأ حياته الأبدية السعيدة.
وأما الحياة الثانية: فهي حياة جحيم وعذاب أليم لا ينقطع أبداً، ولا يستطيع أحد عليه صبراً ولا جلداً، أصناف وألوان لا يتخيلها العقل، نسأل الله تعالى السلامة والعافية.
ومن أراد أصدق حديث عن تلك الحياة التي بعد يوم القيامة بقسميها المذكورين، فليقرأ كتاب الله تعالى بتدبر وتأمل، فقلما تخلو سورة منه من ذكر حال ذينك الفريقين: إما تفصيلاً وإما إجمالاً.
وليطالع لذلك ما ثبت من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، وقد ألف علماء الإسلام في هذه الحياة تآليف مستقلة، كما ضمنوا كتبهم التفسيريه والحديثية كلاماً مستفيضاً عنها.
ومن الكتب المؤلفة في هذا الموضوع كتاب (التذكرة في أحوال الموتى، وأمور الآخرة) للإمام القرطبي، وكتاب (حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح) للإمام ابن القيم، ورسالة في ثلاثة مجلدات لأحد المعاصرين اسمها (الحياة الآخرة) للدكتور: غالب عواجي. ومن المختصرات المفيدة في هذا الباب الجزء الخامس من سلسلة الدكتور/ عمر سليمان الأشقر، والذي عنوانه (الجنة والنار).
والله أعلم.